بين الدين والعلم … نهى فكري

on

 

مقدمة :-

من أكثر الروايات التى لاقت إهتماماً من الباحث ، رواية  ” أولاد حارتنا ” للكاتب الكبير ” نجيب محفوظ  “، هذه الرواية مليئة بالرموز التى تعتمد على تاريخ البشرية كله ، وتتكىء على الرسالات السماوية ، فالحارة رمز للكون كله ، وأولاد هذه الحارة هم الخلق منذ آدم إلى الآن ، وكثير من الرموز الأخرى للشخصيات أيضاً ، وتقوم الرواية على الصراع بين العلم والدين ، فى عصر أصبح العلم فيه كأنه إله جديد  .

وإذا كان نجيب محفوظ قد أراد أن يعيد كتابة تاريخ البشرية بقلمه ، فقد جعل من الأنبياء والرسل فى روايته مجرد مصلحين ، وقد إتخذ الكاتب من الرمز ستاراً يحاول أن يغطى به على ماأراد أن يتناوله من الشخصيات ، والأماكن والأحداث ، كما ألبس الكاتب أحداث القصة وشخصياتها لباساً شعبياً ، وأضفى عليها من خياله ماحاول أن يخرج به عن الأحداث الحقيقية بعض الشىء . وقد كان جد هذه   الحارة ( الجبلاوى ) رمز الله لغزاً من الألغاز ، يحير العقول ولا يستطيع أحد أن يجزم فى حقيقته بكلام مؤكد موثوق منه : ” وهذا جدنا لغز من الألغاز، عمر فوق مايطمع إنسان أو يتصور ”  حتى ضرب المثل بطول عمره، وإعتزل فى بيته الكبير منذ عهد بعيد ، فلم يره منذ إعتزاله أحد ” .

ثم ذكر أن الجبلاوى ( الله ) شهد العهد الأخير من حياة تلك الحارة، وعاصر الأحداث التى دفع بها إلى وجود عرفة ( العلم )  إبن الحارة البار، فإنتهى عصر الجبلاوى ( الله ) ليبدأ عصر عرفة

( العلم ) .والواقع أن هذا التركيز على قيمة العلم المادى والإيمان به والثقة المطلقة فيه تظهر فى روايات الكاتب المختلفة ، فلم تكن رواية ” أولاد حارتنا ” مبتورة أو منفردة بهذه السمة ، وإنما إمتد هذا المنهج فى روايات نجيب محفوظ عامةً .

والعجيب أن تثار مثل هذه القضايا على يد كاتب كبير، ألم بالكثير من الثقافات ، فكيف يطرح قضايا، ويتناولها بعيداً عن الحق ؟ وكيف يتصور أن الدين يناقض العلم ؟ أو أن العلم فى صراع مع الدين ؟ فقد خانه التوفيق فى هذا الجانب، وأن تأثره بالثقافة الغربية والكتّاب العلمانيين من الدوافع التى أوقعته فى هذا المأزق . وقد سيطرالعلم بأكمله على عقول الطبقة المثقفة، وأوحى بذلك خضوع الإنسان لقوانين المادة، وإنتهى الأمر بشعور العديد من البشر خاصةً فى الغرب بعدم إحتياجهم لوجود إله لهذا الكون، وتخلت جموع غفيرة من الناس عن إيمانها بالله تخلياً تاماً أو شبه تام ، فالعلم أصبح هو السلاح السحرى القادر على صنع المعجزات، فليس سمة منقذ إلا العلم، وهو يعلق عليه الكثير من الآمال حتى يتغير وجه العالم .

والكثير من الناس منزعجين بسبب التداخل بين الدين والعلم . فهل يوجد شخص علمى أن يؤمن بفكرة مافوق الطبيعة ؟ هل يجب على العلماء أن يتمسكوا بما يصلوا إليه تاركين اللاهوتيين يتأملون فى الله ؟ بل يجب على رجال الدين أن يشتركوا فى معامل الأبحاث ؟ هل يمكن للدين والعلم أن يشتركا حقاً فى البحث عن الإجابات الحاسمة للحياة ؟ هل الله موجود فى العلم ؟ وماذا عن الإعلانات الإلهية مستمرة من خلال العلم ؟ أم توقفت ؟ أين نبحث عن أصل الكون ؟ فى المادة وتكوينها أم فى سفر التكوين ؟ وماعلاقة موضوع البحث بالمسيحية ؟ هل تعلم الكنيسة بما يدور حولها ، أم تعيش منعزلة بعيدة عن المجتمع ؟ هذا ماسنتناوله فى هذه الورقة البحثية .

موقف رجل الدين من العلم  :-

لنعرف مايدور فى أذهان كل من العالِم ورجل الدين . علينا أن نوضح موقف كل منهما ،حيث إختلف رجال الدين فى أرائهم عن العلم ، فمن يرى وجود علاقة بينهم قوية ، هذه العلاقة إما مضادة أو مكملة ، والبعض أمسكك بنظريات العلمية داخل الكتب المقدس وحاول تفسير هذه النظريات من خلال الكتاب ، وعندما وجد أنها لاتتفق مع العلم الحديث ، أنكر أو تجاهل ذلك العلم ، فهو مضاد للوحى الإلهى ، وآخرون حاولوا أن يفرضوا إيمانهم على العلم والآن سنعرض المواقف المختلفة لرجل الدين تجاه العلم .

تجاهل العلم :-

يعتقد بعض رجال الدين أن العلم جاء ليحطم كل معرفة أخرى ، تأتى بعيداً عنه ، فالعلم وحده عقلانى ، العلم وحده يحقق الحق وكل شىء آخر مجرد عقيدة ورأى ، ووصل حد القول إنه إذا كان هناك شىء لايمكن قياسه أو إختباره بالطريقة العلمية … فلا يمكن أن يكون صحيحاً أو عقلانى . ” لذا يهاجم البعض العلم بشدة ، بل ويتخذ موقف عدائى له ، مثال على ذلك موقف الأصوليين ، حيث قدّر الجيولوجيون عمرالكون ،فيبلغ الكون من العمر 10000مليون سنة ، أما الأرض فيقدرون عمرها بنحو 5000 مليون سنة قفط . وقسّموها بالنسبة لما إكتشفوه فى طبقات الأرض من باطنها إلى سطحها . أما الكتاب المقدس يخبرنا أن عمر الأرض 6000- 8000 سنة عن طريق جمع أعمار الأجيال والأشخاص ، وعن طريق Carbon dating  الكربون المشع، يثبت أن عمر الأرض 4,5بليون سنة ، فإعتمد فكر الأصوليين على هذا الفرق ، وإعتبروا أن كل ماهو ضد الكتاب المقدس فهو من الشيطان ، ولا أساس له من الصحة . فالفرق فى عدد السنين غير صالح للمقارنة بالمرة . تجاهل أصحاب هذا الرأى العلم ، بفرض إيمانهم اللاهوتى ، الإحتمال الأكبرعندهم هو رفض العلم الذى لا يمكنه أن يتوافق مع الدين  .

الغوص فى دراسة العلم حتى يفقد إيمانه .

قال أحدهم : ” لابد وأن يختفى الله عند دراسة العلم ، لأن الله روح والعلم مادة ، ويكتشف ماإنطوت عليه . وهؤلاء لايرون فى أى مادة دليل على وجود الله الخالق ، بل يعتقدون أن الخلية الأولى الحية تولدت تلقائياً ثم تطورت فى دقة وإتقان لتلائم بيئتها وتؤدى الغايات منها ، هذا ماتوصل إليه البعض من تبنى نظرية التطور نسبة لتشارلز داروين الذى نالت الجزء الأكبر من دراسة اللاهوتيين، والتطوريين يرجعون  بداية الخلق إلى بلايين السنين ، بعكس ماهو مذكور فى الكتاب المقدس كما أشرنا أعلاه ،فتكون رواية الكتاب المقدس غير صحيحة ، فلا وحى ولا خلق ولا إله ، ويبدو فى نظرية التطور أن الأدلة العلمية ، أدلة منطقية تخاطب العقل . فيمكننا أن نلخص قول التطوريين  بحسب برسوم ميخائيل :” إن التطور يتطلب ملايين من السنين ، وإنه توقف بالنسبة للكائنات الحية ، بسبب بلوغه إلى غاية الإنسان . ولكنه متصل فى المجتمع الإنسانى للإرتفاع به إلى أرقى مستوى ” وقال دراوين نفسه : ” إن الكائن بدأ من وحيد الخلية وبدأ يتعقد ويتطور حتى وصل إلى الإنسان ” والكثير من النظريات أيضاً ، مثل عمر الأرض ، أصل الكون ،التى تناقض العلم ، فكيف يعترف أصحاب هذا الرأى بوجود خالق نُرجع إليه بداية الكون وهو أصل كل شىء ، فى حين أن كلمته التى بين أيدينا تخبرنا بعكس ذلك  .

التوازى ، أى لا يمكن أن يلتقيا .

أصحاب هذا الرأى إقتنعوا بأن العلم والإيمان متعارضان ، وأنهما مجالين منفصلين لا يتفاعلان ، ولا يمكنهما أن يلتقيا ، واحد من أهم أنصار هذا الرأى ، هو ستيفن جاى جولد ، والكثير من العلماء يتبعون رؤية هذا العالم فى قولهم بأن العلم والإيمان يشغلان مجالات مختلفة تماماً .وقد سميت هذه الفلسفة بإسم Noma  وهى إختصار none overlapping magisterial  وتقول النوما : ” إن العلم هوعالم الحقائق ، والدين هو عالم الأخلاق والإيمان . والمشكلة الأساسية هى أن الدين يقدم تأكيدات محددة جداً عن الحقائق . فهو يقدم تأكيدات بأن الكون له بداية ،وأن الله قد إشترك فى الخلق ، وأن البشر له نوع خاص من الخليقة ، وأن الأحداث التاريخية يفهم منها أنها حدثت فى الزمان والمكان . وقال مير : ” أعتقد أن نوما حقيقية جزئياً ” ولإتمام مبدأ النوما ، كان على أنصاره أن يخففوا من تأثير العلم أو الإيمان ، أو كليهما . وهذا مافعله جولد ،فقال : ” إن الدين مجرد مسألة تعليم أخلاقى ، وعزاء ، أو معتقدات ميتافيزيقية عن المعنى . وبدت هذه الجملة الخاصة عن جولد أنها غامضة ، فقد قال مير : ” فى كتابه Rocks of Ages ، يقلل جولد من ظهور يسوع  ( لتوما الشكاك ) على أنه مجرد ” قصة اخلاقية ” وكان هذا ضرورياً بالنسبة لجولد تحت قواعد نوما ، لأن كل ظهورات يسوع بعد القيامة تأتى من وثيقة دينية أى الكتاب المقدس ، بينما تقول نوما إن الدين لابد وأن يحصر تأكيداته فى إطار الأخلاقيات والقيم ، لكن الكتاب المقدس يرسم بوضوح ظهورات يسوع كأحداث تاريخية واقعية . والمسيحية تؤكد على الإقتناع بأن هذه الأحداث قد حدثت فعلاً .

حاولت النوما إستبعاد هذه الإمكانية بحصر الدين إلى مجرد مسائل أخلاقية ، لكن كتّاب الكتاب المقدس لم يروا أنه من المناسب أن يحصروا تأكيداتهم عن الله إلى المجال الغير واقعى الذى خصصته نوما للدين . والآن قد توجد بعض الديانات التى قد تتماشى مع نوما ، لكن المسيحية مبنية على الإيمان والحقائق أيضاً .وقال ( فيليب جونسون ) وهو كان ناقداً لمبدأ النوما بشدة : ” إن ستيفن جاى جولد يعرض متنازلاً أن يسمح للمتدينين أن يعبّروا عن أفكارهم الشخصية عن الأخلاق ، بشرط أن لا يتدخلوا فى سلطة العلماء لتحديد الحقائق ، وإحدى هذه الحقائق هى أن الله مجرد إسطورة معزية . لقد آمن كل أتباع جولد ، بأن المجالين لابد أن يظلوا منفصلين ، وإن تداخلوا إختلفوا ، وهذا الصراع سينمو على الدوام .

التوحيد بينهما .

جرت محاولة للإتفاق بين الدين والعلم ، حيث تقودنا نظرية النوما إلى نظرية آخرى تسمى Poma وهى إختصار ل (Partially Overlapping Magisteria ) ويتبناها اليستر ماكجراث ، وهو يقول أن العلم جزء من الدين ، فيمكن أن يلتقيا فى بعض الأحيان ولايمكننا الفصل بينهما تماماً . وقد خطأ ستيفن جاى جولد فى القول : ” أن العلم يثبت إستحالة وجود الله ” فالعلم والدين يتلاقا جزئياً ، ولكن فى نقاط بسيطة جداً ، وركز اليستر ماكجراث فى كتابه Dawkins God ” ”   : ” ضقت ذرعاً بالمؤمنين والملحدين معاً وهم يقيمون الحجج العقائدية القائمة على أدلة تجريبية ناقصة ، كما لا يمكن الإجابة عن السؤال المتعلق بالله بإستعمال الطرق العلمية ، والعلم ببساطة لايستطيع الحكم فى مسألة فيما إذا كان الله قائماً مشرفاً على الطبيعة . ولانؤكده ولاننفيه ، بل ببساطة نقول بأنه ليس لدينا القدرة للتعليق على هذا الموضوع كعلماء . وأكد ماكجراث أن العلم عاجز عن تفسير بعض الأمور مثل الميل للعبادة والدين ، أى الميل الأخلاقى عند الإنسان ، هذا بالإضافة إلى مايخص نظرية التطور مع قوتها إلا أنها غير مؤكدة 100 % بسبب غياب الحفريات وأسباب علمية أخرى، فيشير إلى أن نظرية التطور لاتعنى بالضرورة غياب الله ، كما أن الإيمان بها لا يعنى الإلحاد .فقد تمكن من القول بأن الله هو الذى خلق المادة أساس العلم ، وبذلك يكون العلم جزء من الدين ، والدليل العلمى يؤيد العقيدة الإيمانية . ففى السنوات الخمسين الأخيرة ظهرت أدلة تقدم دفاعاً قوياً عن الإيمان. وقال ( لى ستروبل ) فى كتابه ( القضية الخالق ) ” إن كان صحيحاً أن هناك بداية للكون كما يتفق علماء الكونيات المحدثين الآن ، فهذا يتضمن وجود علة تفوق الكون ، وإن كانت قوانين الطبيعة معدلة لتسمح بالحياة ، كما يكتشف علماء الطبيعة المعاصرون ، فربما يكون هناك مصمم قام بتعديلها . وإن كانت هناك معلومات فى الخلية كما توضح البيولوجيا الجزيئية ، فهذا يثبت وجود التصميم الذكى ، وللإبقاء على سير الحياة يتضمن ، وجود معلومات بيولوجية ، والتضمينات تشير إلى ماوراء المملكة المادية إلى علة ذكية قبل ذلك . ” وإستنتج قائلاً : ” هذه مجرد ثلاثة أمثلة ، وهى البداية فقط ” . ولكن هذه النظرية تحاول أن تجد مكاناً للدين بين العلم . والعكس أيضاً قد يحدث ، أن يحاول البعض إيجاد مكاناً للعلم بين الدين . فهل يملأ الدين فراغاً نحتاج لملؤه ؟ يُقال بأن هناك فراغاً فى العقل على شكل إله ويجب ملؤه : أى توجد حاجة نفسية للإله ؟ وهذه الحاجة يجب تسديدها ، ولكن هل من الممكن أن نملأ هذه الفجوة من خلال العلم فى بعض الأحيان لكى نتمكن من القول : أن المجالين فى طريقهما للإتفاق ؟ أنصار هذا الرأى يعتبرون أن وجهتين النظر خطأ ( النوما – البوما ) ، لا الفصل تماماً ولا التوحيد بينهم يعنى ذلك ،إثبات أحدهما من خلال الآخر ، وهم يستخدمون قول جاليليو : ” العلم يخبرك كيف تسير السماء ، والإيمان المسيحى يخبرك كيف تسير أنت إلى السماء ” . أى لانحاول إثبات أو مساندة أى حقيقة علمية أياً كانت بإستخدام الدين ولا العكس ، فالعلم والدين فى تكامل ، ويحتاج الإنسان إلى كل منهما . ولا يمكننا محاولة  إيجاد مكاناً لكل منهما عند الآخر  . والأقرب إلى هذا الرأى هو ( فرانسيس كولينز ) حيث عارض وبشد ة ، فكرة محاولة التفسير الحرفى لسفر التكوين ، وأيضاً محاولة إستخدام الدين فى العلم ، من خلال فكرة التصميم الذكى .

فكر العالِم عن اللاهوت :-

قال البرت أينشتاين : ” لاأحاول تخيل الإله الشخصى ، يكفينى الدهشة من هذا البناء المحكم للكون . والإنبهار به على قدر ماتسمح به حواسنا .” وقال أيضاً : ” علم بدون دين علم أعرج ، ودين بدون علم هو دين أعمى . ”  ،وبغض النظر عن إيمان أينشتاين ، لكنه حاول أن يقول لايمكننا أن نستغنى عن أحدهما ،ويتفق الباحث معه بعض الشىء فى قوله هذا ، فقد أوضح إستحالة وجود أحدهما دون الآخر،هذا فى رأى البعض والبعض الآخر يرى أن الدين مجرد منشأ للأخلاقيات ، الدين لديه القدرة على عزاء الناس فقط وهذا لا يجعله حقيقياً ،وبالتالى يمكن الإستغناء عنه، كما يرون أن الإلحاد يدعو للفخر وليس للإعتذار ، طالما كان الإلحاد مصحوباً بإستقلالية صحية العقل وبناء عليه تفكير بناء ، فمنهم يعرفون أنهم ملحدين ولكنهم لايجرؤون على الإعتراف لعائلاتهم أو حتى لأنفسهم فى بعض الحالات . وسبب ذلك بشكل جزئى هو أن كلمة ” ملحد ” قد أعطيت من العناية الشىء الكثير لتعنى شيئاً مرعباً ومخيفاً . والملحدين أكثر عدداً مما بدوا خصوصاً بين النخبة المثقفة . والحال كان كذلك حتى فى القرن التاسع عشر ، عندما قال جون ستيوارت : ” من المحتم أنها ستكون صدمة هائلة لو عرف العالم كم هى نسبة المتشككين فى الدين بين الحاصلين على أعلى الأوسمة لتميزهم اللامع فى مجالات العلم والفكر ” . وفى أيامنا هذه تصح هذه المقولة أكثر بدون شك . وسيوضح الباحث الآن وجهة نظر العالِم عن الدين بشكل اوضح .

تجاهل الخالق :-

وصف الفيلسوف ( جى بى مورلاند ) لقائه بمهندس كان يكمّل دراسته للحصول على الدكتوراه فى الطبيعة قائلاً: ” بالنسبة له،إن العلم وحده عقلانى، العلم وحده يحقق الحق . وكل شىء آخر مجرد عقيدة ورأى . ووصل لحد القول إنه إذا كان هناك شىء لا يمكن أن يكون صحيحاً أو عقلانى . ” وأكد ( هارفارد ريتشارد ) أن العلم هو المصدر الوحيد للحقيقة، وقد وجد الملحدين فى إنكارهم لله والخلق والوحى ، فقالوا مامعناه : إذا كان عمر الخليقة 6000 سنة فقط، على ماهو محسوب من أقوال الكتاب المقدس، بينما أثبتت الرواسب الصخرية أن عمر الأرض لا تقل عن 5000 مليون سنة، وأثبتت الحفريات فى هذه الرواسب الطبيعية أن كائنات الأرض لاتقل عن أوائلها عن 500 مليون سنة عمراً، إن لم يكن أكثر من ذلك ، وإذا أخذنا بهذا الفرض ، عن وجود مالم يترك أثراً حفرياً من ذلك التاريخ كالطحالب والكائنات الهلامية ، فتكون رواية الكتاب المقدس غيرر صحيحة ، ليس فقط عن عمر الأرض بل البعض من تناولوا نظرية التطور فى دراسته أو أصل الكون ، توصل إلى نفس النتيجة ،وطبقاً لذلك، لا يكون وحى ولا خلق ولا إله . كما أشرنا أعلاه ، حيث يشبه هذا الرأى ، رأى اللاهوتى الذى غاص فى العلم ، فأدى الأمر به إلى فقدان إيمانه ،ومن أهم من تناول هذه النقطة وهى تجاهل الخالق ، العالم ( ريتشارد دوكنز ) فعلى سبيل المثال ، إعتبر دوكنز أن نظرية التطور من الناحية الجمالية تتفوق على التفسيرات الغيبية لأصل الكائنات الحية . فى كتابه ” حكاية الجد الأعلى ” المنشور عام 2004 . ويتتبع دوكنز النقطة التى يلتقى فيها فرع الإنسان مع فروع الأنواع الحية الأخرى فى شجرة الحياة التطورية . وفى كتابه ” وهم الإله ” The God Delusion المنشور عام 2006 أثار أكبر قدر من الجدل . لأنه يشرح المغالطات المنطقية فى المعتقدات الدينية ، وإستنتج أنه لايوجد أى خالق غيبى وأن الإيمان هو مجرد وهم ، وفى نفس العام أطلق دوكنز مؤسسته المعروفة ب ” مؤسسة ريتتشارد دوكنز للمنطق والعلوم ” . وهى مؤسسة تسعى لتعزيز القبول بالإلحاد وتدافع عن الأجوبة العلمية للأسئلة حول الوجود . أطلق دوكنز عام 2007 الحملة العلنية لتشجيع الملحدين على الظهور والإعلان عن إعتقاداتهم . بالإضافة إلى ترويجه لمؤسسته عبر موقعها الإلكترونى ويوتوب ، قام دوكنز أيضاً بإنتاج المزيد من الأفلام الوثائقية مثل ” أصل كل الشرور ؟ ” ، و ” أعداء المنطق ” ،  ويقول دوكنز فى كتابه ” The God Delusion  ” أن كل منّا عنده نظريته الخاصة عن مصدر الدين وسبب وجوده فى كل حضارة إنسانية . إنه يوفر العزاء والراحة . ويغذى روح الجماعة . ويرضى حنينا لمعرفة سبب وجودنا . ” كما شرح فى كتابه ، لماذا نؤمن ؟ فقال : ”  الدين يرضى فضولنا عن الكون ومكاننا فيه ” أو الدين مواساة فقط ليس إلا . وقد ذهب مفكرون وعلماء كثيرين إلى أن العلم لا يعطى مجالاً للاإدرى . وحجتهم فى ذلك أن الكون آلة تدير نفسها بنفسها ، وبالتالى لا تحتاج إلى أى سبب فوق الطبيعة ، وإذا كانت أداة أزلية فلا يبدو أن هناك حاجة إلى خالق ، وهكذا إعتبروا الكثيرون أن الإلحاد أدنى إلى الصدق وأكثر إتساقاً مع النظرة العلمية ، وفرويد أيضاًهو أحد ممثلى هذا الموقف من الدين فى النظرة القديمة ، فهو يعلن أن أديان البشر يجب أن تصنف بإعتبارها وهما من أوهام البشر . فالإنسان فى الأديان إنما يبحث عن مهرب من الواقع . ويتابع فرويد حديثه قائلاً : ” إن الأفكار الدينية نشأت من ضرورة حماية الإنسان لنفسه من قوة الطبيعة المتفوقة والساحقة ” . والناس فى رأى فرويد يميلون إلى الإعتقاد بوجود أب وراء هذا الكون ، لأنهم بوصفهم أطفالاً ، بحاجة ماسة إلى رعاية أب ، وهكذا فإن الإنسان هو الذى يخلق الله وليس العكس ، ويضيف فرويد  ” أن البشر لابد لهم من أن يعترفوا لأنفسهم بكامل عجزهم وتفاهة دورهم فى آلية الكون . ” فهم لا يستطيعون بعد اليوم أن يكونوا محور الخليقة ، وفيما يتعلق بالدين : ”  يتنبأ فرويد بأن ” هذه الطفولة مقدور لها أن تتجاوز بالتأكيد ، ويتحتم على الإنسان أن يتحلى بالشجاعة الكافية للإعتراف بأنه وحيد فى هذا الكون الفسيح واللاشخصى . “

ثانياً : نظرة متزنة :-

من أهم إهتمامات العلماء هو البحث عن الحق ، وإبعاد الخيال عن الواقع . ولكى يكتشف العالم إن كانت الإدعاءات المختلفة مسنودة بالواقع أم إنها مجرد خيال ، فإنه يختبر تلك الإدعاءات . يسأل ، هل مايعتبره الناس موجوداً ، هو بالفعل موجود ؟ وإن صح وجوده فما طبيعته ؟

إن العلماء في عصر الإستنارة منهم من ذهب بفكره معتمداً علي العقل وإنتهى به إلي الإلحاد  كما أشرنا من قبل ، ومنهم من إقتنع بوجود الله .وإستخدم العلم في البرهان علي وجود الله . وهؤلاء يشبهون برجال الدين الذين حاولوا يوحدوا الدين بالعلم وقد أشرنا إليهم من قبل .  وأنصار هذا الرأى يرون أن من حق العلم أن يتدخل فى بعض الأمور اللاهوتية ، والعكس صحيح ، أو لايصح لنا الفصل تماماً ، فالفصل يعنى عدم التوازن ، قال ريتشارد دوكنز فى كتابه ” The God Delusion ” : على الرغم من أنه كان ملحداً ” لماذا لا يحق لنا التعليق على الله كعلماء ؟ ولماذا الحكم بأن هذا السؤال ليس علمياً ؟ ” فما هى الأسئلة التى يعتبر العلم فيها ضيف شرف ؟ أوالدين فيها لابد أن ينسحب ؟ وكما ذكرنا من قبل، أنه من الخطأ الفصل التام ، أو وضع كل منهما موازياً للاخر ، بل من الخطأ أيضاً تجميعهم بشكل خاطىء ، يقول أحدهم : ” العلم يشغل نفسه بسؤال كيف ؟  بينما الدين هو المجال المهيأ للإجابة عن سؤال لماذا ؟ ” وعلى الرغم من أن هذه الدقة فى التصنيف ليست صحيحة على طول الخط ، لكن تبدو فيها نظرة متزنة إلى حد كبير ، فالسؤال الذى لايستطيع العلم الإجابة عليه ، الدين قادر على ذلك . والعكس صحيح ،  ليس لعجز أحدهما ، وقدرة الآخر ، بل لأن لكل منهما مهمته فى توصيل رسالته . على الرغم من أن الإثنان يخدمان الله .

محاولة للبحث عن الله :-

لكى نتعرف على محاولة إيجاد الله فى العلم  لابد أولاً ، أن نعرّف كلاً من الدين والعلم :

الدين هو : مصطلح يطلق على مجموعة من الأفكار والعقائد التي توضح الغاية من الحياة فى الكون كما يُعرّف عادةً بأنه الإعتقاد المرتبط بما وراء الطبيعة الإلهية كما يرتبط بالأخلاق والممارسات والمؤسسات المرتبطة بذلك الاعتقاد. وبالمفهوم الواسع، عرّفه البعض على أنه المجموع العام للإجابات التي تفسر علاقة البشر بالكون. والأهم علاقته بإلهه .

العلم : هو كل نوع من المعارف أو التطبيقات وهو مجموع مسائل وأصول تدور حول موضوع أو ظاهرة محددة وتعالج بمنهج معين لينتهى بنا إلى المعرفة . وإعتبر البعض بأن كل ماهو عكس ذلك فهو جهل . لذا يفسربعض العلماء رأى اللاهوتيين فى بعض الأمور الإيمانية والتى لا يستطيعون تفسيرها بالعقل والمنطق ، بأنه جهل ، لا ينبغى أن يقعوا هم فيه . بينما يشيرمايكل شيرمير إلى أن الإيمان هدفه هو أن نثق بصرف النظرعن الأدلة ، وهذا أمر مضاد للعلم  . والإيمان هو الخطوة العاقلة نحو نفس الإتجاه الذى يشير إليه الدليل . أى أن الإيمان يتخطى مجرد الإعتراف بأن حقائق العلم والتاريخ يشير إلى الله.. بينما يرد فرانسيس كولينز فى كتابه  The Language of God )  ) كيف يقدم العلم  الدلائل على وجود الخالق ،فهو حاول أن يبنى جسراً ما بين الإثنين وفى نفس الوقت يعارض فكرة محاولة تفسير كل منهما من خلال الآخر ، فإعترض على فكرة التصميم الذكى والقراءة الحرفية لقصة الخلق فى الكتاب المقدس .وقد ذكرنا ذلك من قبل ، فظهرت مدارس حاولت أن تثبت صحة الكتاب المقدس بإستخدام العلم ،منها فكرة التصميم الذكى .

أولاً التصميم الذكى Intelligent Design)) :-

يقول ( جون بولكينغورن ) وهوعالم فيزياء : ” إن سؤالاً أساسياً وكبيراً مثل الإيمان بالله ( أو عدم الإيمان ) لا يمكن إنهائه بمناقشة واحدة . إنه معقد للغاية . وما على الشخص أن يفعله هو التفكير فى قضايا مختلفة ويرى ما إذا كانت الإجابات التى سيحصل عليها توضح الصورة التى تعطى للموضوع معنى . ” وإذا قمنا بفحص المجالات العلمية سنجدها تؤيد وجود مصمم ذكى ، أوجد نظام بالغ فى التعقيد ، لا أحد يعلم كيف يديره غير هذا المصمم ، الذى منه وبه يسيرهذا النظام . ففى أواخر القرن العشرين ، بدأت حركة التصميم الذكى التى تبحث عن تغيير فى أسس العلوم والتنقيب فى نظرية التطور وصياغتها . ويمكن إعتبار التصميم الذكى بأنه يشير إلى أن بعض الميزات فى الكون والكائنات الحية لايمكن تفسيرها إلا بمسبب ذكى . وهذه الفكرة تحتوى على عدة فروع جميعها يشير إلى أنه ينبغى أن يكون هناك مصمم ذكى لهذا الكون .

الغير قابل للإختزال  التعقيد (Irreducible Complexity  )

إقترح مايكل بيه الأنظمة المعقدة غير قابلة للإختزال فى سياق التصميم الذكى وهو يعرفها كتالى : نظام فريد مكون من العديد من الأجزاء المتفاعلة المترابطة مع بعضها بشكل جيد والتى تساهم فى الوظيفة الأساسية للنظام ، بحيث إن إزالة أى جزء من هذه الأجزاء سيؤدى إلى توقف النظام عن العمل . وإستخدم بيه مصيدة الفئران كمثال توضييحى لهذا المفهوم . مصيدة الفئران مكونة من العديد من القطع المتفاعلة مع بعضها البعض – القاعدة ، الطعم ، الماسك ، النابض ، ويجب أن تكون جميع هذه القطع فى مكانها حتى تعمل المصيدة . وإن إزالة أى من هذه الأجزاء يعطل عمل مصيدة الفئران . ولكن يشير النقاد إلى ان حجة الأنظمة المعقدة غير القابلة للإختزال تفترض بأن الأجزاء الضرورية لنظام ماكانت دائماً ضرورية له ، لذلك من غير الممكن أنها أضيفت بشكل متعاقب . وهم يناقشون بأن شيئاً مايكون فى البداية مفيداً فحسب سيصبح لاحقاً شيئاً ضرورياً ، خلال تغير المكونات الأخرى .

المعلومات الجينية ( Genetic information )

أدرك البيولوجيين أو علماء الأحياء ، أن الوظائف الهامة للخلية يؤديها البروتين الذى هو نتاج تجميع التعليمات المخزونة فى الحامض النووى DNA الذى يخزن المعلومات فتحدد الصفات ، والصفات عبارة عن معلومات تنقلها تسلسل الأحماض وأى خطأ فى هذا التسلسل لاينقل معلومة ، والصفة هى التى تجعل الكائن يعيش  . وترتيب الأحماض الأمينية بهذا الشكل ، لا يمكن مجرد صدفة . لكن فى 5و4 مليون سنة تستطيع أن تحصل على هذه الصدفة بالإحتمالات ،فداروين نفسه ، أصغر ماتوصل إليه هو الخلية ، وبعد ذلك وبالتقدم العلمى توصل العلماء إلى مايسمى الجينات والأحماض الآمينية التى بحسب ترتيبها تتكون الصفات . فإحتمالية أن يظهر شىء جديد وارد جداً وبهذا ينكمش دور الله ، ويبدأ فى العد التنازلى .كلما إستطاع العلم أن يصل إلى شىء .

صانع الساعة الماهر Watchmaker) )

يقول وليم بيلى عن أن الساعة مكونة من عدة تروس وأجزاء كثيرة جداً بتفاصيل تجعلها تعمل فى غاية من الدقة ، وهذه الساعة لم توجد صدفة ، لكنها لابد أن ترجع إلى وجود صانع لها ، صنعها وتركها تعمل . ومثلها مثل الخلق ، الخليقة كلها تحتوى على تفاصيل يعجز الإنسان عن تفسيرها ، بل كل من يتأمل فى الخليقة لابد ولأن يقّر بأن هناك صانع ماهر لهذا الخلق ، أى وجود خالق فى هذا الكون ، فالساعة مثلها مثل الكون . وهذه النظرية مثلها مثل النظريات السابقة ، فالله هنا خلق الكون وتركه ليعمل ، ولايتدخل فيما يحدث فيه ، ويقول دافيد هيوم : ” إن إعتقادنا بوجود نظام للطبيعة لايكفى لإثبات منظم للكون لأنه نفسه دليل على وجود الفوضى . “

ثانياً غاية الكون :-

سيخص الباحث بدءاً من هذه النقطة علاقة موضوع البحث بالمسيحية بالأخص .فكيف تكلم الله على مر العصور مع آدم وما بعده؟ وكيف أعلن عن ذاته وإرادته للبشرية؟ كيف كشف للإنسان عن قصده ومشيئته ولماذا أوجده؟ وماذا يريد منه؟ وما هو الهدف من وجوده؟ وما هى الغاية من خلقه للكون؟ كيف كشف عن أسرار الخليقة ، الكون والوجود ، سواء فى الماضى أو الحاضر أو المستقبل؟ الماضى منذ الأزل ونقطة بدء الكون “فى البدء خلق الله السموات والأرض” ، والماضى الذى عاشه الآباء من آدم إلى المسيح ، الماضى الذى كان معاشاً وعاصر فيه الآباء والأنبياء إعلانات الله ورسالته ، والحاضر الذى نعيشه ، والمستقبل الذى ستعيشه البشرية حتى النهاية ، والمستقبل الأبدى الذى يبدأ من المجيء الثانى المسيح ونهاية العالم والدينونة والحياة الأبدية ؟

فى ( رومية 11 : 36 ) يقول الكتاب : ” لأن منه وبه وله كل الأشياء . له المجد إلى الآبد . آمين ” وفى ( كولوسى 1 : 16 ) ” الكل به وله قد خلق ” . فهو غاية الغايات ، ليس فقط فى الخليقة ،إنما فى الفداء أيضاً ، الذى إسترد الله مجده فيه ، فى الصليب فى عمل الإبن يسوع المسيح ، ولو أراد الإنسان أن يكون هو الهدف من خلال العلم ، أصبح الإنسان سارق لمجد الله ،فى رسالة العبرانيين ( 2 : 10 ) يقول الكتاب : ” لأنه لاق بذاك الذى من أجله الكل وبه الكل وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد ، أن يكمّل رئيس خلاصهم بالآلام . ” يقصد برئيس خلاصهم ( شخص يسوع المسيح )  فلايمكن أن يكون الهدف هو العلم أو الغاية هو الإنسان  ، بل سمح الله بوجود العلم لفهم مدى إتساع خليقته، وإن كنّا لا نبحث عن وجود غاية لكل شىء فى الكون على وجود الله صاحب الغايات التى لأجلها كوّن الأشياء ، فنحن لا نستحق أن نكون على صورة الله ذو عقول تستدل على الأسباب من النتائج .

بين إستمرار الإكتشافات العلمية وتوقف الإعلان الإلهى :-

ذات يوم سأل احد العلماء رجل دين : ” لماذا تؤمن بالله ؟ ” رد رجل الدين وقال : “لعدة أسباب أهمها :-

·        إيمانى به هو الأمل .

·        لوجود أحد أسأله عما يحدث من أمور لايفهمها البشر ، ولايستطيع تفسيرها أى إنسان .

·        لأن الإيمان بالله هو نابع من شىء حقيقى داخل الإنسان ، أى وجود إحتياج دائم لله .

·        الإيمان هو المخرج الوحيد لعدم فهم بعض الأمور المبهمة ، لذا أؤمن .

سأله العالم : ” وماذا عن العلم ؟ “

رد : ” العلم هو الحاضر والمستقبل ، أما الماضى فلايمكننى تجاهله ، فأؤمن حتى لا أتخلى عن تاريخى” .

هذه الردود كانت ضعيفة جداً بالنسبة للعالم ، وخرج العالم بخلاصة : ” يجب ان تتخطى حدود عدم المعرفة بالعلم ، العالِم هو صاحب الإجابة الكاملة و الأزمنة وليس رجل الدين . ” ولكى نحسم هذا الحوار علينا أن نتناول بعض النقاط مثل : طبيعة العلم – الإعلان الإلهى .

أولاً طبيعة العلم متغير :-

العلم يستمر فى إكتشافاته العلمية يوم بعد يوم ، وإن أقر بعجزه فى تفسير بعض الأمورالغيبية اليوم ، فغداً يستطيع . فلا يمكن أن يعجز العلم طول الوقت ، بل يرغب الفوز فى جميع الأزمنة ، والعالم فى وجهة نظره هو صاحب الأزمنة وليس رجل الدين ، الذى يعيش فى الماضى ولا يريد أن يتخلى عن تاريخه أبداً . المهم عند العالم هو الحاضر والمستقبل ، المهم عند رجل الدين هو الإعلان الإلهى الذى سبق وحدث وإكتمل فى الماضى ، فالمسيح على الصليب قال : ” قد أكمل ” وتوقف الإعلان الإلهى ، بمجىء يسوع المسيح ، وأصبح هذا الإعلان بين أيدينا من خلال كلمته ، الكتاب المقدس ، أما العلم فيستمر فى إكتشافاته للنظريات التى بها يفهم : كيف يدور هذا الكون ؟ ومن يديره ؟ ومن مسئول عن تنفيذ إدراته ؟ كل هذه الأسئلة تشغل العالم أو الباحث ، لذا لن يتوقف عن دراسته وعن إكتشافاته ، بل يريد دائماً أن يتأكد مما قد وصل إليه رفقاؤه ، وممن وصل إليه العلم بشكل عام ، وأيضاً أن يضيف فى بعض الأحيان ، وأحياناً يهدم لكى يبنى من جديد ، المهم ، أن يصل للحقيقة . والحقيقة عند العالم حتى وإن كانت مؤلمة أو تتعارض مع الوحى الإلهى ، لكنها أفضل من الفرح بإعلان مبنى على الأوهام والأكاذيب أو لا نستطيع أن نستدل عليه علمياً ، جميعنا يعلم أنه يوجد علم قديم وعلم حديث ، لأن العلم بطبيعته متغير . فعلى سبيل المثال ، من إحدى الردود على نظرية التطور ، أدلة الحفريات الناقصة ، هذا الإعتراض يعتمد على أن الدارونيين لم يجدوا كل الحفريات الخاصة بمراحل التطور ، ولكن ماذا إذا إكتشف العلم بعد مرور الزمن حفرية أخرى ؟ وهذا ماحدث بالفعل .  وفى القرنين ال 17 و 18 عصر التنوير ، جاء جاليليو بإكتشافه بأن الأرض مستديرة تدور حول الشمس . على الرغم من أن الكنيسة واجهته وإنتقده الكثير من رجال الدين واللاهوتيين ،بل وإعتبرته الكنيسة مهرطق ، ثم بعد ذلك بالإثباتات العلمية ،ثبت صحة قول جاليليو . فالعلم متغير سيظل يكتشف الجديد وسيستمر فى مهمته هذه إلى أن ينتهى الكون .

ثانياً الإعلان الإلهى إكُتمل :-

كيف كشف الله أسرار الحياة والوجود ، بحسب ما يستطيع الإنسان أن يدرك أو يستوعب ؟ كيف علّم الإنسان وأعطاه الوصايا والشرائع والنواميس والتعاليم الإلهية وكيف يسلك بحسب إرادة الله  ؟ كيف ظهر فى القديم وتجسد فى ملء الزمان وتجلى على مر العصور وتكلم من خلال الأنبياء والرسل وأعلن عن ذاته فى كلمته المتجسد ؟ كيف أرسل الملائكة وكيف تكلم بروحه القدوس بفم وعلى لسان الأنبياء والرسل ؟ كيف حل الروح القدس عليهم ؟ وكيف تكلم الله من خلال الرؤى والأحلام وغيرها من الوسائل التى أعلن بها الله عن ذاته وإرادته ؟ وماهى الرؤى الإلهية والأحلام الإلهية وما الفرق بينهما وبين الأحلام العادية التى يراها أى إنسان كل يوم فى نومه ؟

أ‌-        فى العهد القديم : يستخدم  الوحى الإلهى الفعل العبرى ” جالا ” والذى يعنى ، يعلن ، ” يستعلن ” ، ” يكشف ” وذلك للتعبير عن إعلان الله لذاته وإرادته وغايته وكشف أسراره لأنبيائه وإستعلان مجده ، كما تبين الآيات التاية :

–         ” لأنك انت يارب الجنود قد أعلنت لعبدك ( داود ) قائلاً أنى أبنى لك بيتاً ” ( 2 صم 7 : 7 ) .

–         ” السيد الرب لا يصنع أمراً إلا وهو يكشف سره لعبيده الأنبياء ” ( عا 3 : 7 )

–         ” لأن الرب إستعلن ( تجلى – تراءى ) لصموئيل فى شيلوه بكلمة الرب ” ( 1 صم 3 : 12 )

–         ” لأنك كشفت دعواى ( يارب الجنود ) ” ( أر 11 : 20 )

–         ” حينئذ لدانيال كشف السر فى رؤيا الليل ” ( دا 2 : 19 )

–         ” لكن يوجد إله فى  السموات  كاشف الأسرار ” ( دا 2 : 28 )

–         ” فأعلن فى آذنى رب الجنود ” ( إش 22 : 14 )

–         ” فيعلن ( يظهر – يتجلى ) مجد الرب ويراه كل البشر ” ( إش 40 : 5 )

–         ” فى السنة الثالثة لكورش ملك فارس كشف أمر دانيال ” ( دا 10 : 1 )

ب‌-     فى العهد الجديد : إستخدم الوحى الإلهى كلمة ” أبوكاليبسيس ” اليونانية والتى تعنى ” إعلان و ” إستعلان ” والتى جاءت أصلاً من الفعل اليونانى ” أبوكاليبتو ” والذى يعنى ” يعلن ” ، ” يكشف ” أى يكشف الغطاء عن ، أو يرفع ، أو يزيل ، الغطاء أو الحجاب عن شىء ويستعلن ، وإستخدم كل الإسم ” أبوكاليبسيس ” والفعل ” كاليبتو ” فى العهد الجديد للتعبير عن الإعلانات الإلهية التى تكشف عن الحقائق الإلهية وأسرار ملكوت السموات وظهور الرب يسوع المسيح :

–         ” إستعلان دينونة الله ” ( رو 2 : 5 )

–         ” وللقادر أن يثبتكم حسب إنجيلى والكرازة بيسوع المسيح حسب إعلان السر الذى كان مكتوماً فى الأزمنة الأزلية ولكن ظهر الآن وأعلم به جميع الأمم …” ( رو 26 : 16-25 )

–         ” فإنى آتى إلى مناظر الرب وإعلاناته . أعرف إنساناً فى المسيح قبل أربع عشرة سنة فى الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم . الله يعلم . إختطف هذا إلى السماء الثالثة …إنه إختطف إلى الفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولايسوع لإنسان أن يتكلم بها ” ( 2كو12 : 1-4 )

–         ” أعرّفكم أيها الإخوة الإنجيل الذى بُشرت به أنه ليس بحسب إنسان . لأنى لم أقبله من عند إنسان ولاعلّمته ( أخذته ) بل بإعلان يسوع المسيح ” ( غل 1 : 11 – 12 )

–         ” أنه بإعلان عرفنى  بالسر … سر المسيح الذى فى أجيال أخرى لم يُعرف به بنو البشر كما قد أعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح ” ( أف 3 : 3-5 )

–         ” لذلك منطقوا أحقاء ذهنكم صاحين فألقوا رجاءكم بالتمام على النعمة التى يؤتى بها إليكم عند إستعلان يسوع المسيح ” ( 1 بط 1: 13 )

–         ” إعلان يسوع المسيح الذى أعطاه الله إياه ليرى عبيده مالابد أن يكون ” ( رؤ 1 : 1 )

فى الآية الأولى يكشف قضاء الله ودينونته ، وفى الثانية يتكلم عن كشف أو إعلان سر أعلنه للرسل والأنبياء ، هذا السر هو سر تجسد المسيح ، وفى الثالثة يتكلم عن الإعلانات الإلهية التى كشفت أو أعلنت له من خلال رؤيا أو غيبة روحية صعد فيها إلى السماء الثالثة الفردوس ، وفى الرابعة يتكلم عن إعلان الإنجيل ، أو إعلان البشارة ، بشارة الخلاص الذى إستلمه من المسيح الممجد فى السماء مباشرةً ، وفى الخامسة يتكلم عن إعلان سر المسيح الذى أعلنه الروح القدس للأنبياء والرسل القديسين ، وفى السادسة يتكلم عن ظهور المسيح فى مجيئه الثانى ، والسابعة يتكلم عن الإعلان الإلهى الذى أعلنه السيد المسيح للرسول يوحنا فى سفر الرؤيا ذاته .

يسوع المسيح

الله                                                   الخليقة

إعلان الله النهائى كان فى يسوع المسيح . يقول الكتاب فى الرسالة إلى العبرانيين ” الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلمّنا فى هذه الأيام الأخيرة فى إبنه الذى جعله وارثاً لكل شىء الذى به أيضاً عمل العالمين الذى وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته …( عب 1 : 1 – 3 ) كشف لنا الكتاب المقدس فيما يختص بالذات الإلهية وإرادة الله ،بإعتباره كلمة الله الذاتية ونطقه العاقل من ذات الآب وفى ذاته ، صورة الله وبهاء مجده ورسم جوهره ، حكمة الله وقوته ، الإله الوحيد ، الذى فى حضن الآب الذى منه وفيه وبه كل الأشياء.  لقد جاء رسل وأنبياء العهد القديم برسالة من الله ، وكانوا يؤيدون صدق نبوتهم بقولهم : ” هكذا قال الله ” أما المسيح فكان يعلم بسلطان نفسه قائلاً : ” الحق الحق أقول لكم ” سائر الأنبياء أعلنوا كلمة الله ، أما المسيح فهو نفسه الكلمة ، هو الرسول والرسالة ، هو النبى وموضوع النبوات . لم يغير ماعلم به بحجة تغير الظروف ، أو طرأ إكتشافات جديدة فقد كانت كلماته هى الحق الذى لايتغير ، والإعلان الإلهى ذا السلطان على كل خليقته . فالمسيح هو الحق  ، وأية حقيقة أخرى إن صحت فهى تعتمد على حقيقة وجوده ، وعند دخول الله حياة البشر ، فإنه يعلن أنه هو الحق .ومن هنا ننتهى بتوقف وإكتمال الإعلان الإلهى ، بينما يستمر العلم فى مأموريته .

أصل الكون والخليقة :-

قال أحدهم : ” خذوا من كل شىء أحسنه ” فالعلم هو أكثر مما أن يحصى ، لذا سيتناول الباحث دراسة إحدى الموضوعات التى سببت جدلاً فى مجال العلم وعلاقته بالإيمان .

أولاً المادة وتكوينها :-

هناك عدة تفاسير عن أصل الكون ، مثل ان شيئاً ما قد صنع كوناً بأكمله من العدم ، وهذا لايحدث إلا بمعجزة ، وربما تكون أفضل حجة ، أن الإنفجار العظيم يدعم الإيمان بالله وهو فى نفس الوقت يسبب عدم الإرتياح الواضح الذى من قبل بعض علماء الطبيعة الملحدين ، فإستنتج علماء الفلك ، عن طريق حساب سرعة الكواكب والنجوم فى الفضاء ، أن الكون فى حالة تمدد مستمر ، ومن هنا جاء الإعتقاد أن الكون كله كان يوماً ما على شكل كتلة واحدة فى مكان واحد هو مركز الدائرة . وبداية الكون كانت على شكل كتلة واحدة من المادة . ففى القرن العشرين توصل العلماء إلى هذا الإستنتاج بناء على حسابات دقيقة لسرعة المجرات وبعدها عن المركز ، وقد أطلق على هذه الكتلة الأولى لفظ ” الذرة الأولى ” . فهى تمثل جميع الكواكب والنجوم والمجرات والمادة ، وكل ماهو موجود فى الكون مركز على شكل كتلة واحدة من المادة . هذا كان فى البداية . ثم حدث إنفجار هائل خيالى وتناثرت شظاياه وكونت مانسميه الكون الحالى ، وبتعبير آخر فإن كل المجرات ماهى إلا شظايا للإنفجار الأول الذى حدث فى تلك اللحظة ، التى يمكن إعتبارها لحظة الخلق ، لأن العلماء لم يصلوا بأفكارهم إلى أبعد من ذلك . وقدر العلماء هذه اللحظة أنها حدثت مابين 15-20 مليار سنة فى الماضى . فهذه المدة هى التقدير العلمى لعمر الكون . وتسمى هذه النظرية ” نظرية الإنفجار الضخم ” Big Bang  فقبل القرن العشرين ، لم يكن أحد يتصور أن العلم قد يصل يوماً ما إلى تخيل واضح عن بداية الكون ، إذ كان المصدر الوحيد عن هذه الحقبة هو الكتاب المقدس ، وقد إكتشفت هذه النظرية لأول مرة على يد بعض الفلكيين أهمهم ( لومتر وأيدنجتون ) ومعظم العلماء يعتبرونها النظرية الأرجح . ويكفى أن نتصور الكون ومابه من الآف المليارات من النجوم ، وأحد هذه النجوم الشمس التى تمثل ذرة صغيرة وحولها كواكب متناهية الصغر ، منها كوكب صغير إسمه الأرض يعيش عليه الإنسان ، والإنسان مأخوذ فى 4 حركات متداخلة : دوران الأرض حول نفسها ، ثم دوران الأرض حول الشمس ، ثم دوران الشمس والمجموعة التابعة لها داخل المجرة ، وأخيراً حركة المجرة فى إبتعادها عن مركز الكون . ووسط هذه الحركات السريعة المتداخلة نتوهم أننا فى وضع السكون ، ويكفى أن نعلم ان حركة الشمس داخل المجرة تتم بسرعة 400كم / ثانية .

وفى سفر التكوين قال الله : ” ليكن نور فكان نور ” ( تك 1 / 3 ) هذه هى أول أعمال الخلق كما ورد فى سفر التكوين ، فهل نفهم من هذا ان المادة الأولى كانت على شكل نور ؟ نعلم أنه يمكن تحويل المادة إلى طاقة والعكس بالعكس . ونهتم بدراسة المادة ، لأن الإنسان مكّون من مادة وأن الكون كله الذى إنطلقنا منه يتكون من مادة . ولأن أى تفسير دينى يجب ان يتناول الحقيقة بكاملها ، والمادة هى الحقيقة التى تحيط بنا من كل جانب ، لذا سنعود إلى سفر التكوين ليخبرنا عن الخليقة وأصل الكون .

ثانياً قضية الخلق فى سفر التكوين :-

  ذهب كل مفسر فى طريقه للتفسير ، فمنهم من تمسك بحرفية الكتاب ظانناً فى نفسه أن الوحى نزل على موسى إملائيا فلم يقبل أى مفهوم يواجه الكتاب المقدس . ومنهم من حاول فهم الوحى وإسلوب الكتابة وفسر الكتاب المقدس مرتبطاً بالعلم . وقد كتب أحد المفسرين عن موسى ” لم يكن فى حوزة الكاتب أى مرجع تاريخى وما روايته إلا محاولة جريئة ليفسر تفسيراً لاهوتياً حول البشرية البعيدة عن الله . فلم ينطلق الكتاب من الماضى ليفسر الحاضر بل إنطلق من الحاضر ليفسر الماضى ، على ضوء وحى الله إلى شعبه إنطلق من عالم الشر الذى تتخبط فيه البشرية ،وهكذا إختلف من تمسك بحرفية الكتاب وأن الخلق كان فى ستة أيام واليوم24 ساعة أى كل شئ على حدى فى لحظة وبين أراء المفسرين الذين ربطوا بين الاكتشافات العلمية وفهم الكتاب المقدس .

لكى نفهم الكتاب المقدس بالأسلوب الصحيح يجب علينا أن نفهم بعض المفاهيم التى تساعدنا فى فهم تك 1، 2. مثل كيف إستقى موسى الوحى وأخبار الخليقة المذكورة فى سفر التكوين ؟ لابد أن الله قد أعلن لموسى بالوحى فليس للبشر وسيلة للوصول بدون الإعلان الإلهى . ولكن ليس لنا دليل إن كان الوحى قد أعلن لموسى فى رؤيا كما ليوحنا فوق ذلك لا يوجد عبارات فى سفر التكوين تدل على أنها رؤيا كما ذكر فى رؤيا يوحنا . وذكر البعض أن سفر التكوين الإصحاحات الأولى هى شعر وأطلقوا عليه إسم مزمور الخليقة . وهذا أيضاً مرفوض لأنه ليس فيه خصائص الشعر العبرى فهو نثر بسيط . وليس هناك دليل مقنع عن كيفية حصول موسى عن أمور الخلق . والأرجح أن الله أعلنه مباشرةً لأدم أو لغيره من رؤساء الأباء القدماء فكتب وحفظ العهد موسى الذى فتح به هذا السفر وكتبه فيه بالإرشاد الله ووحيه . وليس القصد من بيان حوادث الخليقة بإسلوب علمي لأن موسى لم يقصد تعليم الناس حقائق طبيعية علمية ولم يقصد ذكر تفصيلات عمل الخلق بل إكتفى بذكر أهم حوادثه بالتتابع بدون تفسير كيفية إجرائها أو تعين زمن إبداعها ولا تحديد المدة التى إقتضاها وأن الخالق أبدع الكون من لا شئ ونظّمه وأعدّه لأجل أهدافه وإن له السلطان التام على جميع الأسباب الثانوية والنواميس الطبيعية والهدف الأهم فيه هو تعليم الإنسان صفات الخالق وأعماله ، وبيان مقام الإنسان بين المخلوقات وعلاقته بها فإنه رأسها ولما كان الهدف الأهم فى الكلام عن الخليقة تعليم البشر أموراً دينية تتعلق بخلق العالم جاء إسلوب خالياً من المصطحات العلمية . والتعليم الجوهري فى الوحى هو، أن الله هو الخالق لكننا نتعلم منه حقائق أخرى مفيدة جداً منها أن ذلك العمل جرى بكل نظام وترتيب وبالتقدم التدريجي من البسيط إلى المركب ومن الأدنى إلى الأعلى وأن درجات ذلك التقدم مثل حلقات سلسلة واحدة تتصل بعضها ببعض ، الحلقة الأولى منها إيجاد المواد الأصلية من لا شئ والأخيرة إبداع الإنسان رأس الخليقة على صورة الله أما الأعمال التى جرت بعد إيجاد المواد الأصلية فهى بالتفصيل :

1- خلق النور والأرجح أن المقصود به موجات كهرومغناطيسية منتشرة فى كل أنحاء الكون.

2- الفصل بين مياه ومياه الجلد ( القبة الزرقاء ) بينهما والجلد فى الأصل شئ مبسوط ، وهو الغلاف الجوى المحيط بالأرض .

3- فصل اليابسة عن المياه أى الأرض عن البحر وإبداع الحياة النباتية .

4- إقامة أنوار فى جلد السماء للفصل بين النهار والليل ولتمييز الشمس والقمر والنجوم فى النظام الشمسي وعلاقتها الحاضرة بالأرض والمقصود بالأنوار الكواكب التى تحمل النور أو تعكسه ومفردها فى اللغة العبرية الأصلية ليس هو نفس الكلمة المستعملة عن النور الأصلي الذى أبدع اليوم الأول .

5- خلق الحيوانات الأدنى التى تعيش فى المياه أى الحيتان العظام وكل متحرك فى الماء ثم الطيور.

6- خلق الحيوانات العليا التى تعيش على وجه الأرض ، اى البهائم والحيوانات التى تتحرك على الأرض والوحوش كأجناسها ثم خلق الإنسان على صورة الله ليتسلط على جميع المخلوقات.

7- راحة الله فى اليوم السابع من عمل الخلق ودخوله فى علاقة جديدة مع مخلوقات هى أنه يحفظها ويباركها ويتمم فيها مقاصده الأزلية الحكيمة .

لا يوجد تناقض بين ما ذكره موسى عن خلق العالم والاكتشافات العلمية الحديثة كما لايوجد إتفاق أيضاً ،لأنه لما كان هدف سفر التكوين أن يعرّف البشر بخالقهم وبعلاقته بالمخلوقات أراد ان يكون كلامه بسيطاً يقتصر على الأمور الرئيسية دون التفاصيل وخالية من المصطلحات العلمية دون أن يكون فيه ما يخالف الحقائق العلمية ، وكل ما إعتبر خلافاً نشأ إما عن اختصار كلام سفر التكوين ،أو من عدم صحة المذاهب العلمية التى تناقض سفر التكوين .وقد نشأ بعض التناقضات بين العلم وما كتبه موسى لدى البعض وذلك لأنهم إعتبروا أن كلام موسى على إسلوب علمى . والسبب الثانى لسوء فهمهم لما كتبه موسى أو تفسيره الحرفى . والسبب الثالث هو الخطأ فى فهم الحقائق العلمية وجعل ما كان منها غير ثابت بمنزلة الثابت وكما أضحنا من قبل أن العلم متغير ،فلو أدركنا ان ما كتبه موسى ليس مادة علمية بل كتابة متوقفة على مايريد الله أن يعلنه للبشر ، لا نرى تناقضاً بين كلام الوحى والحقائق الطبيعية ، بل نرى توافقاً بينهما فى أمور كثيرة . وهذا التوافق فى بعض الأشياء مثل :-

1- قال موسى إن للكون بداية ونهاية ، ويتضح من البحوث العلمية الحديثة فى الطبيعة
أن للجنس البشرى بداية ، وكذلك للحيوانات ، وللمادة ونواميسها وقواتها فيتضح من العلم
( الذى يتفق مع الوحى ) عدم أزلية المادة.

2- كانت السماوات قبل الأرض وإن موسى قد أطال الكلام عن الأرض وتبين الحقائق العلمية أن هذه الأرض ليست مركز الكون كما توهم القدماء وليست لها أهمية فى نظامه إلا  لأنها مسكن البشر ، وذلك يوافق الرأى الذى بموجبه تكونت عوالم الأفلاك قبل نظام أرضنا.

3- الحرارة والماء هما الوسيلتان العظيمتان لتكوين الأرض فالنور الذى أبدع فى اليوم الأول نتج عن الحرارة النارية الناشئة من حركات المواد الصلبة فى حالتها الغازية وهى مشتعلة ، وكانت الحرارة والمياه تحدثان التغيرات والانقلابات الطبيعية المتوالية أثناء مدة إعداد الأرض مسكناً للحياة. وفى الطبيعة أدلة كافية لإثبات أنه بالحرارة والمياه تكونت قشرة الأرض وأعدت اليابسة مسكناً للحيوانات والبشر. ويتضح أيضاً من سفر التكوين ومن (مز 104: 6-9 ) ومن طبقات الأرض أن اليابسة تكونت تحت المياه .

ومن هنا نرى أن الترتيب الإلهى والعلم لا يختلفان حيث أن كل هدف العلم هو استكشاف النظام الدقيق فى الكون ، ولم يكن كتبة الكتاب عند قبولهم الوحى بدون حس أو عقل ، ولا كانوا فى يد الروح كآلات ميكانيكية أو كأقلام كتب بها الروح كيفما شاء ، بل تكلموا مسوقين من الروح كآلات حية ناطقة عاقلة ذات إرادة مسترشدة بروح الله ، لم يتوقف الروح عن إرشاد كتّاب الكتاب المقدس من خلال الوحى، ولا نزع ما امتاز به أحدهم عن الآخر من المواهب .فالعامى منهم تكلم كلام العامى كعاموس ، والعالم تكلم بكلام العالم كموسى ، وذو العواطف الرقيقة ومحب التأمل كتب حسب طبيعته كيوحنا ، وذو العقل المنطقى تكلم كلام المنطقى وأورد الأدلة المنطقية كبولس. فكتب كل منهم حسب قدراته العقلية. لذلك نرى فى جميع الأسفار المقدسة ما يدل على صفات كتبتها كأنهم لم يكونوا تحت سلطان الوحى ، ومع ذلك كانوا آلات حقيقية فى يد الروح القدس. قد تكيف الوحى مع الأفراد والجماعات بحسب مستواهم الروحى واستعدادهم الدينى .

 دور الكنيسة  :-

قبل أن نشير إلى دورر الكنيسة فى هذا الموضوع ،لابد أولاً أن نتعرف على تأثير هذه الظاهرة على المجتمع .

اولاً تاثير هذه الظاهرة على المجتمع :-

لايزال المجتمع يجادل كل يوم ويراهن على المزيد من التقدم لحل المشاكل ، ولايزال يعتقد أن بإستطاعة العلم أن يشكل الرافعة الأولى لحل مختلف القضايا  ، ومع أن بعض رجال الدين إتجهوا إلى رفض بعض النظريات العلمية بإعتبارها غير مرضية ، لكن نفس هذه النظريات ساعدت آخرون على أن يفكروا مليا ويعيدوا عقيدتهم . كما جعلت البعض أيضاً يغزوا بالتدخل فى شئون العلم وتعطيل تقدمه وشلّ إنجازاته ، والأمثلة فى مجتمعنا على هذا التعطيل كثيرة ، فالنظرة المختلطة التى تنظر من خلال عمامة رجل الدين إلى الأمور العلمية هى التى عطلّت قانون زرع الأعضاء حتى هذه اللحظة فى مصر ، وهى التى تقنع البعض بأن ختان الإناث فريضة دينية ….إلخ ، وقد فسّر البعض تقدم الغرب العلمى بأن الله قد خدمنا وسخّرهم لخدمة الشرق ، فالتاثير السلبى الذى وقع على المجتمع ،أدى به إلى أن البعض حاول إما أن يفصل الدين عن العلم تماماً ، أو أن يفسر أحدهما من خلال الآخر ، أو أن يقوم بتقليد الغرب تقليد أعمى . وآخر يفعل مايريد ، ويحاول أن يجد سند أو مرجع له ، وهذا المرجع تارةً من الدين ، وتارةً من العلم . المهم أن يفعل مايحسن له . وننتظر ماذا يفعل الإنسان بالعلم ؟ هل سيجعل منه وسيلة المجتمع وبناء الكنيسة أم وسيلة للدمار والإلحاد ؟ هذا ماسنعرضه فى الفصل اللاحق .

ثانياً مايجب أن تفعله الكنيسة :-

تقول شائعة طريفة لكنها ذات دلالات عميقة منتشرة فى الوسط العلمى مفادها ، أن البابا السابق ” جون بول الثانى ” دعا العالم البريطانى الشهير ” ستيفن هوكينغ ” لزيارة الفاتيكان وأثناء المحادثات بينهما قال البابا للعالم الفيزيائى : دعنا نتفق بيننا ، خذوا أنتم العلماء كل ماهو بعد البيغ بانغ ( الإنفجار الهائل ) ، وإتركوا لنا كل ماهو قبل هذا الإنفجار العظيم ، وهذا يشير إلى المعضلة الذى ذكرناها من قبل ، إسمها ” الأصل ” .من الصعب إن لم نقل من المستحيل على العالم أن يشرح الكون عبر بوابة التدخل الإلهى ، كما من الصعب ، بل من المستحيل ، على رجل الدين أو الكنيسة بشكل عام أن تقطع الله عن العالم أو تفصله عن مخلوقاته . إن الكتاب المقدس يحتوي على حقائق علمية مكتوبة بلغة غير علمية ، وينظر البعض إلى الكتاب المقدس ككتاب علمي ويتوقعون أن يجدوا فيه بعض المعادلات الكيميائية وأخبار الاكتشافات وغزو الفضاء..!  وعندما لا يجدونها يعتقدون أن العلم والدين لا يتفقان!!

ويقول بعض المعترضين على الكتاب المقدس أنه خال من التعبيرات والمصطحات العملية، وهو بالكلية خال تماما من اللغة العلمية ولذلك فهم لا يقبلونه ، إذا تعرّض لموضوع علمي  .  ويمكن الرد على ذلك بالقول أن الكتاب المقدس لا يحوي اللغة العلمية ، ونحن سعداء بهذا لأن اللغة ما هي إلا أداة للعقل البشري يصوغ بها أفكاره، وهي دائماً تتغير بتغير الأجيال، ولغة العلم الحديث حديثة كحداثة العلم نفسه لأنها أخذت تكتمل في هذا القرن، وكل يوم نسمع عن مصطلحات علمية جديدة أضيفت إلى اللغة العلمية ، ولم تكن تعرف من قبل، فكيف يمكن للكتاب المقدس أن يحوي على اللغة العلمية مع أنه كتب من آلاف السنين؟!

ولو كتب الكتاب المقدس بلغة العلم فإنه يكون مستعصياً فهمه على عامة الناس ، إذ ليس كل الناس علماء ، بينما أراد الله أن يعلن ذاته في الكتاب المقدس لكل البشرية في كافة أجيالها المتعاقبة العلماء منهم والبسطاء. إن الكتاب المقدس يحوي كثيراً من الحقائق العلمية ولكنها مكتوبة بلغة غير علمية، ويعبر عنها بلغة بسيطة جداً يسهل حتى على الأطفال فهمها.  وهذا يدل على أنه ليس من صنع البشر بل هو كلمة الله حقا فكيف لهذا الكتاب رغم لغته البسيطة ، يكتب هذه الحقائق ويكتشفها منذ آلاف السنين .

والأعجب من هذا أن الكتاب المقدس قد كتب تقريباً على مدى 1600 سنة، واشترك في كتابته على الأقل أربعون كاتب ، وكل منهم ينتمي لأماكن ومناطق مختلفة على مستوى العالم.. ورغم كل هذا التباين في التاريخ والمكان والمستوى الفكري ، بل والظروف النفسية التي كتب فيها الكتاب (منفى – سجن – قصر..)، ورغم كل هذا، فنجد أن هؤلاء لم يتأثروا بكل السلبيات العلمية ، والأساطير، والنظريات الفكرية والفلسفية بكل هذه الأماكن.. فكل ما كتب كان من وحي الله، وهذا هو دور وعمل الروح القدس مع كاتبى الكتاب .

 فعلى الكنيسة الأ تحاول إثبات أى حقيقة أو نظرية علمية بإستخدام الكتاب المقدس ، والعلم هو من الله للبشر ولمجده . فدورالكنيسة أن تعلم أولادها عندما يدرسون العلم ، أن يمجدوا الله ، بسبب إعطائه لنا العلم ، وعليها أن تنظر بحيادية وتوازن إلى بعض النظريات العلمية التى تتعارض مع الكتاب  . إن المشكلة الكبرى هى مشكلة العلاقة بين العقل والنقل ،أى مدى تأثير المسيحية على العلم والواقع ، فمجئ الوحى وإنضمامه إلى العقل فى الحقيقة كان سبباً فى إثارة مشكلة جديدة لم يكن يعرفها العلماء ، وهى أن الديانة المسيحية ديانة روحية فائقة للعقل . ومهمة الكنيسة هنا أن تشير إلى كلمة بالغة فى الأهمية ، وهى ” الرجاء ” ،فالرجاء كلمة أساسية عند الربط مابين العلم والإيمان ، فالكثير من النظريات العلمية تعطى نوعاً من الرجاء والأمل ، لكن يوجد منها ماهو متشائم للغاية ، وفى وسط الأفكار المتضاربة يصعب الوصول إلى اليقين . ولذا نجد الكثير من العلماء يقولون أن كل النظريات وقتية ، إذ تحل نظريات جديدة محل النظريات الحالية ، فلا عجب فى أن العلماء يبحثون عن الجديد ، لكن الإيمان المسيحى يتحدى بشدة أى إتجاهات تنكر الرجاء الذى هويسوع المسيح ، فالعلم بالغ فى الأهمية من حيث إعلاننا عن إنجيل الرجاء . ورجاؤنا فى المسيح يسوع وحده ،وعلى الكنيسة أيضاً أن تكون مقنعة فى دفاعها عن الإنجيل من خلال تركيزها على اليقين ، الثابت ، أى ماذا يريد الكتاب المقدس أن يقول لنا ؟ هذا هو اليقين الذى لايتغير، وعلى كل خادم ان يتخطى الحواجز التى تقف بين العلم والإيمان ، لأنه إن كنا لانفهم العلاقة بينهما لمن نحاول أن نكرز لهم ، فلن نستطيع الوصول إليهم برسالة المسيح ، وعندها سنستخدم كلمات تعنى للسامعين شيئاً آخر غير ماتعنيه لنا . وهكذا نفقد الجسور التى يمكن للحق المسيحى أن يستخدمها للعبور إليهم .

 

خاتمة :-

منهج العلم مختلف عن منهج الدين ، وهذا لا يعيب كليهما ولا يعنى بالضرورة أن النقص كامن فى أحدهما ، والمقارنة لامحل لها ، فالعلم هو تساؤل دائم أما الدين فيقين ثابت ، كلمة السر فى العلم هى القلق ، وفى الدين الإطمئنان ، هذا يشك وذاك يحسم ، وكل القضايا العلمية المعلقة والتى تنظر الإجابات الشرعية ، لن تجد إجابتها عند رجال الدين ، لسبب بسيط ، وهو أن السؤال خرج من المعمل ، والإجابة عليه تحت ميكروسكوب العالم وليست تحت عمامة رجل الدين ، والعلم منهجه متغير وقابل للتصديق والتكذيب ويطور من نفسه بمنطقه الداخلى ، وربطه بالدين يجعل الدين عرضة للتصديق وللتكذيب هو الآخر ، ويهدد العقيدة الدينية ، ويتحول الدين إلى مجرد موضوع ومعادلة ورموز من السهل أن تتغير ويتغير معها إيمان الكنيسة ، فيتملكهم وسواس الشك ويزعزع إيمانهم ، وكذلك جر العلم من المعمل إلى الكنيسة ، يجعل معيار نجاح النظرية هو مطابقته للنص الدينى ،وليس مطابقته للشواهد والتجارب العلمية والمعملية ، الكتاب المقدس كتاب سماوى محكم وشامل ، أحدث ثورة وتغييراً شاملاً من وقت كتابته  من أماكن وأشخاص وثقافة معينة ومنه إلى الكون كله ، ولكى تحدث هذه الثورة كان لابد أن يتكلم الكتاب مع أصحاب هذا المجتمع بلغته ومفاهيمه بما فيها المفاهيم العلمية السائدة فى هذا الوقت ، ومهما كانت هذه المفاهيم والأفكار العلمية ساذجة أو مغلوطة بمقاييس العلم العصرية ، فإنها كانت ضرورة وقتها ، وإلا لكنا أمام كتاب ألغاز غامض ، وليس كتاباً دينياً ، ولابد أن يكون واضحاً لكى يقنع ويرشد ، وهذا لا يعنيه أنه منقوص ، حاشا . فالكتاب المقدس والديانة المسيحية يتفاعلا مع الواقع بقوة وهذه معجزته الحقيقية .

 أما الله ، فالبعض يكون فكره عن الله من السعة والمرونة بمكان تجعل من الحتمى أنهم يعثرون عليه فى كل مكان وفى كل شىء أينما يبحثون ، فالكتاب يقول : هو الحق ، هو العلى القدير، الأول والآخر، البداية والنهاية ،هو كل ماهو أفضل فينا ، بل لايصح مقارنته بنا، ومن هنا بالطبع يمكننا القول أن الله هو كل ذلك وأكثر منه ، هو الكلمة كباقى الكلمات ، يمكننا أن نضفى عليها المعنى الذى نريده ، فإذا قلنا أن الله هو الطاقة ، على سبيل المثال ، فهذا يعنى أننا يمكن أن نعثر عليه فى قطعة كربون .

إن حكم لى ستروبل فى هذا الموضوع : شهادة العلم تؤيد الإيمان المسيحى، وبينما تكون هناك دائماً نقاط توتر أو صراع غير محلول ، فإن التطورات الكبرى فى العلم فى العقود الخمسة الأخيرة كانت تسير بقوة نحو إتجاه الإيمان . ولكن ليس معنى هذا أنه يستحيل على العالم أن يكتشف الله ، بل عن طريق المنطق يستطيع العالم ، إذا شاء أن يستدل على وجود الله ، لأن العلم بعد أن يعرّفه بوجود وحقيقة العناصر والكائنات الحية يوقفه حائراً من جهة أصلها . وهنا يأتى دور المنطق والإستدلال الصحيح ،فيقول إن هذا الأصل هو ” الله ” كما يقول الكتاب المقدس .

فى هذا البحث أراد الباحث أن يثبت أن العلم ليس ضد الدين ، بل هو يخدمنا لفهم الأمور المبهمة والأسرار التى لا تناقش ، ولكن  بالطبع سيظل جزء محجوب عنّا ، كما أوضح كيف يمكن إقامة تفاعل مستمر بين الدين والعلم ، بل وكيف يمكننا ان نستخدم المبادىء الدينية بصورة تتفاعل مع مقومات العصر . ودور الكنيسة فى ذلك ، لقد صمت لى ستروبل للحظات ليطلق بخاتمته فى هذا الموضوع والتى يريد الباحث أن يختم بها معه : ” إن العلم يشير إلى الله ” . وهكذا عن طريق المنطق السليم ، ينتهى العلم إلى حيث كان ينبغى أن يبتدىء ، ينتهى إلى الإيمان بالله وكلمته  .

 قائمة المراجع العربية :

  1. دوكنز, ريتشارد. وهم الاله , 2009.

  1. زكريا , فؤاد. التفكير العلمي  . الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ,1978.

  1. صالح , عبد الحسن . التنبؤ العلمي ومستقبل الانسان . الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ,1981 .

  1. الكرمي , زهير . العلم ومشكلات الانسان المعاصر . الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب , 1978 .

  1. أركون , محمد . العلمنة والدين: الاسلام المسيحية الغرب . القاهرة: دار الساقي ,1996  .

  1. ساغان , كارل . الكون . الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ,1993  .

  1. كلوز , فرانك . النهاية . الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ,1994 .

  1. العمر , عبد الله . ظاهرة العلم الحديث . الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ,1983 .

  1. متى , كوركيس . علم الأخلاقيات المسيحية أو القضايا الكبرى  .

  1. هف , توبي .أ . فجر العلم الحديث . الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ,1997 .

  1. منتصر , خالد . وهم الاعجاز العلمي . روض الفرج : دار العين ,2005  .

  1. ستروبل , لي . القضية الخالق . القاهرة : دار الكلمة ,2007  .

  1. سنكلير , موريس . محاضرات في مادة الفلسفة وعلم الأخلاق . كلية اللاهوت الأسقفية  ,2010 .

  1. بولاد , هنري . الانسان والكون والتطور بين العلم والدين . بيروت : دار المشرق ,2000 .

  1. دوكنز , ريتشارد . الجديد في الانتخاب الطبيعي  . القاهرة : دار العين ,2002 .

  1. ميخائيل , برسوم . الله بين اعلانات الكتاب المقدس ونظريات العلم الحديث . شبرا : مكتبة الاخوة   ,2007 .

  1. أنس , جيمس . علم اللاهوت النظامي . القاهرة : قصر الدوبارة ,1999 .

  1. مارتن, جونز . نبش الماضي . القاهرة: دار العين , 2004.

  1.  بسترس ، الأب سليم ، اللاهوت المسيحى والإنسان المعاصر .

قائمة المراجع الأجنبية :

1- M. Morris, Henry. The Scientific Case for Creation. San Diego, California : A Division of CLP, Inc, 1977.

2- H , Enoch. Evolution or Creation. India: P.T. Chandapilla, 1966.

3- A. Schaeffer, Francis. Genesis in Space and Time. Illinois, 1974.

4- M. Morris, Henry. Scientific Creationism. San Diego, California : Creation- Life Publishers , 1974.

5- D. Pavlu , Ricki. Evolution: When Fact Became Fiction.  Hazelwood: Word Aflame Press, 1986.

6- Craig, William. The Existence of God and the Beginning of the Universe. San Bernardino, California: Here’s life publishers, 1979.

7- V. Gentry, Robert. Creation’s Tiny Mystery. Tennessee: Earth Science Associate, 1986.

8- E. Johnson, Philip. Defeating Darwinism be Opening Minds. Illinois : Inter Varsity Press, 1997.

9- McDowell, Josh. Evidence for Christianity. Nashville, Tennessee : Thomas Nelson , Inc, 2006.

10- M. Kushiner , James & A.Dembski , William . Signs of Intelligence. Minnesota  : Brazos Press, 2002.

11- E. McGrath, Alister. The Dawkins Delusion. Illinois: Inter Varsity Press, 2007.

12- Hawthorne, J.N. Questions of Science and Faith. London: Inter Varsity Press, 1972.

13- McGrath, Alister. Dawkin’s God . Oxford: Blackwell publishing, 2005.

14- S. Collins, Francis. The Language of God. New York : Free press, 2006.

1 Comments اضافة لك

  1. Ralph Hanna كتب:

    Great Article well researched, wish to contact the author for more information, please contact me through facebook
    God Bless

أضف تعليق